تعريف المرض النفسي
المرض النفسي هو حالة طبية تؤثر في الفكر، والمشاعر، والسلوك، ويمكن أن تعرقل الأداء الطبيعي للفرد في حياته اليومية. يُستخدم مصطلح الاضطراب النفسي أو المرض العقلي للإشارة إلى مجموعة من الحالات التي تتسبب في تغيير كبير في السلوك والإدراك والعواطف. تشخيص هذه الأمراض يتم بناءً على معايير علمية متفق عليها، مثل الدليل التشخيصي والإحصائي للأمراض النفسية (DSM-5) الصادر عن الجمعية الأمريكية للطب النفسي. في هذا الدليل، يُعرّف الاضطراب النفسي على أنه متلازمة تؤثر بشكل ملحوظ على تفكير الفرد أو مشاعره أو سلوكياته، مما يؤدي إلى خلل في وظائفه الاجتماعية أو المهنية أو في المجالات الحياتية الأخرى.
من المهم الإشارة إلى أن هذه الأمراض لا تشمل ردود الفعل الطبيعية على الأحداث الحزينة أو المزعجة، مثل الحزن الناجم عن فقدان شخص عزيز، والذي لا يعد مرضًا نفسيًا إلا إذا كان مصحوبًا بتغيرات غير طبيعية في التفكير أو السلوك.
الفرق بين سوء الحالة النفسية والمرض النفسي
الصحة النفسية هي جزء أساسي من الصحة العامة، وتعتبر مؤشراً على قدرة الشخص على التكيف مع تحديات الحياة اليومية. تتضمن الصحة النفسية القدرة على إدارة المشاعر والتفاعل مع الآخرين بشكل إيجابي واتخاذ قرارات مدروسة. سوء الصحة النفسية لا يعني بالضرورة وجود اضطراب نفسي، فقد يمر الفرد بفترات من القلق أو الحزن، لكنها لا تُعد اضطرابًا إلا إذا كانت تؤثر على قدرته على أداء مهامه اليومية أو تؤدي إلى توتر مستمر.
تستمر الأبحاث في التوضيح بأن العديد من الأشخاص قد يعانون من مشاكل نفسية مؤقتة أو عابرة مثل القلق أو التوتر بسبب ظروف حياتية صعبة، ولكن إذا لم تتسبب هذه المشاعر في اضطراب في الوظائف الحياتية للشخص، فإنها لا تُعد مرضًا نفسيًا. في المقابل، الأمراض النفسية تتطلب تدخلاً مهنيًا لأنها تتسبب في تعطيل واضح في قدرة الفرد على التفاعل مع العالم الخارجي وإدارة عواطفه بطريقة صحية.
مظاهر الاضطرابات النفسية
الاضطرابات النفسية يمكن أن تصيب الأفراد في أي مرحلة عمرية، على الرغم من أن بعض أنواع الاضطرابات النفسية تبدأ في مرحلة البلوغ أو في مرحلة الطفولة المبكرة. تتفاوت هذه الاضطرابات في شدتها من حالات خفيفة قد تكون غير ملحوظة إلى حالات شديدة تتطلب علاجًا متخصصًا أو دخول المستشفى. قد يظهر الاضطراب النفسي على شكل تغييرات غير مفسرة في السلوك، مثل زيادة أو نقص في النشاط، تغييرات في نمط النوم، أو مشاكل في التفاعل الاجتماعي.
الأفراد المصابون بالاضطرابات النفسية قد يعانون من أعراض جسدية مثل الآلام غير المبررة، أو اضطرابات في الأكل أو النوم. وفي الحالات الشديدة، قد يتسبب المرض النفسي في انفصال الشخص عن الواقع، مثل الهلوسة أو الأوهام.
أنواع الأمراض النفسية
تتنوع الأمراض النفسية بشكل كبير، وكل نوع له خصائصه المميزة. تشمل هذه الأنواع ما يلي:
الاضطرابات الذهانية:
تعتبر الأمراض الذهانية من الحالات النفسية الشديدة التي قد تشمل الفصام، حيث يعاني الشخص من انفصال عن الواقع يظهر في شكل هلوسات وأوهام، ما يجعله غير قادر على التفاعل مع محيطه بشكل سليم.اضطراب ثنائي القطب:
يتمثل هذا الاضطراب في نوبات متناوبة من الهوس والاكتئاب. في فترة الهوس، يشعر الشخص بالنشاط الزائد والأفكار المتسارعة، بينما في فترة الاكتئاب، يعاني من الحزن الشديد والكسل الشديد.اضطرابات الاكتئاب:
من أكثر الأمراض النفسية شيوعًا، تؤثر اضطرابات الاكتئاب على قدرة الشخص على الاستمتاع بالحياة، وتُضعف قدرته على العمل والقيام بالأنشطة اليومية.اضطرابات القلق:
يعاني الأفراد المصابون باضطرابات القلق من خوف مفرط من المستقبل، ويشمل ذلك القلق المعمم واضطراب الهلع. قد يؤدي هذا القلق إلى سلوكيات قهرية مثل تجنب المواقف التي تؤدي إلى القلق.الوسواس القهري:
يتميز هذا الاضطراب بوجود أفكار قهرية وسلوكيات متكررة، مثل غسل اليدين بشكل مفرط أو التحقق المستمر من الأشياء.اضطرابات ما بعد الصدمة:
تظهر هذه الاضطرابات بعد تعرض الشخص لحدث صادم، مثل الحروب أو الكوارث الطبيعية. يعاني الشخص المصاب من ذكريات متكررة وصادمة للحدث، وقد يتجنب المواقف أو الأماكن التي تذكره بالحادث.الاضطرابات الانشقاقية:
تتضمن هذه الاضطرابات اضطراب الهوية التفارقي، حيث يواجه الشخص صعوبة في تحديد هويته أو قد يشعر بأنه شخص آخر.اضطرابات الجسد:
تتضمن هذه الاضطرابات مشاعر غير مفسرة بالألم أو الأعراض الجسدية الأخرى، مثل اضطراب العرض الجسدي أو القلق المرضي، حيث يعتقد الشخص بشكل مفرط أنه يعاني من مرض جسدي.اضطرابات الأكل:
تشمل فقدان الشهية العصبي، حيث يمتنع الشخص عن تناول الطعام بسبب مخاوف مفرطة من زيادة الوزن، واضطراب الأكل القهري، حيث يفرط الشخص في تناول الطعام بشكل متكرر وغير متحكم فيه.الاضطرابات السلوكية:
تتعلق هذه الاضطرابات بمشاكل في التحكم في السلوكيات، مثل هوس السرقة (الكلبتومانيا) أو الاضطراب الانفجاري المتقطع، حيث يعاني الشخص من نوبات مفاجئة من الغضب أو العنف.اضطرابات الإدمان:
تشمل هذه الاضطرابات إدمان المواد مثل الكحول، المخدرات، أو المواد الأخرى. يؤدي الإدمان إلى تغيير كبير في التفكير والسلوك، مما يؤثر سلبًا على الحياة الشخصية والاجتماعية.اضطرابات الشخصية:
تشمل هذه الاضطرابات وجود نمط سلوكي ثابت يتسم بعدم الاستقرار العاطفي، مثل اضطراب الشخصية الحدية أو الشخصية النرجسية.
علاج الأمراض النفسية
لحسن الحظ، يمكن علاج معظم الأمراض النفسية. يعتمد العلاج على نوع الاضطراب ومدى شدته، ويتضمن عادة العلاج النفسي، مثل العلاج المعرفي السلوكي، أو الأدوية النفسية. في بعض الحالات، قد يتطلب الأمر العلاج في المستشفى، خاصة في حالات الاضطرابات الذهانية أو الاكتئاب الشديد.
من خلال البحث المستمر، يسعى العلماء إلى فهم أفضل لآلية عمل العقل البشري، مما يساعد في تطوير طرق علاجية أكثر فاعلية للمرضى. الأهم من ذلك، يجب أن يكون المجتمع أكثر تقبلًا للأفراد المصابين بالأمراض النفسية، وتقديم الدعم اللازم لهم، مع التذكير بأن هذه الأمراض مثل أي مرض جسدي آخر، ولا يجب أن يرافقها أي خجل أو وصمة اجتماعية.
التخلص من العناصر المرتبطة بالماضي
التخلص من العناصر المرتبطة بالماضي يُعد خطوة جوهرية للتعافي من التجارب العاطفية السابقة. من المهم أن تبدأ بجمع كل الأشياء التي تُذكّرك بالشخص السابق، سواء كانت صوراً، هدايا، أو رسائل، والعمل على إزالتها من حياتك. يمكنك التبرع ببعض هذه العناصر إذا كانت قابلة للاستخدام، أو التخلص منها بشكل كامل إذا شعرت أنها تُثقل كاهلك العاطفي.
إزالة الصور والذكريات الرقمية أمر لا يقل أهمية. قم بحذف الصور المشتركة من هاتفك ووسائل التواصل الاجتماعي، لتجنب الصدمات العاطفية المفاجئة أثناء تصفحك لهذه المنصات. كما يمكن أن يساعدك تعديل البيئة المحيطة بك، مثل إعادة ترتيب الأثاث أو إضافة لمسات جديدة، في تغيير الأجواء وجعلها أكثر إيجابية وملائمة لبداية جديدة.
المرض النفسي ليس مجرد مجموعة من الأعراض أو التصرفات الغريبة، بل هو حالة معقدة تؤثر في كل جوانب حياة الشخص. على الرغم من أن هذه الاضطرابات قد تكون صعبة في بعض الأحيان، إلا أن الأمل في الشفاء والتعافي دائمًا موجود، شريطة أن يتم التعامل مع المرض النفسي بنفس الطريقة التي يتم التعامل بها مع أي مرض جسدي.
